إن من وضع وقنن وشرّع (محددات السياسة الأخلاقية ) هي دول الغرب، التي تتجاوز اليوم وبكل صلافة جميع خطوط بروتوكولاتها الحمراء!
بل قد لا تتوانى عن فعل أي شيء!! تغليبًا لمصالحها وانتصارًا لجيناتها، ولو تطلب الأمر نزع قناعها الوردي ورميه أرضًا، ودوسه بالأقدام.
ذاك ماحدث بالضبط، حينما قطع الروس على حلف الناتو الطريق وقلموا أظافر”كييف” التي أراد لها الحلف أن تطول وتحتد وتتحول إلى مخالب جارحةً، كي يناوش بها وجه الدب الروسي حتى (يفقأ عينيه).
استنفر الغرب، مع تحرك أول دبابة روسية نحو حدود أوكرانيا، وألقى على الفور كل (مبادئه وقيمه) وشعاراته البراقة التي تنادي بالديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان والعدل والمساواة في أقرب سلة مهملات.
حيث رفض “عنصريا” أن تطال آلة الحرب الشعب الأوكراني، فقط (لشقرة لونه و زرقة عينيه) ولكونه أيضًا، وكما يرون مجتمع متحضر، وليس كغيره من شعوب العالم الثالث، كالعراقيين والأفغان والأفارقة التي لاتمانع أمريكا وأوروبا البتة أن تُدك رؤوسهم بقاذفة القنابل B52.
بتلك اللغة المتعالية تحدث أيضًا، الأمير وليام حفيد ملكة بريطانيا و رئيس وزراء بلغاريا كيريل بيتكوف ومراسل قناة السي بي اس الأمريكية في العاصمة الأوكرانية كييف.
كما أثخن الناتو في معاييره المزدوجة وفي نفاقه السياسي، حينما أخرج (العقوبات الاقتصادية) من بين اقواسها متجاوزاً النفط والغاز والغذاء، فقرر مصادرة أموال وممتلكات الأثرياء الروس، أو بما يعرف (بالأوليغارش) الذين يعيشون في أمريكا ودول أوروبا، كجزء من الضغوطات على موسكو.
كذلك فرض الحلف عقوبات أخرى موازية لا شأن لها في الصراع، شملت الثقافة والفكر والأدب والرياضة والفن والمسرح الروسي بل حتى سلالات القطط الروسية كان لها نصيبها.
أما (الشخصنة) فهي أخر الأوراق الخاسرة التي حاول الغرب أن يلعبها مع الروس. حيث سخر قادة مجموعة السّبع في أجتماعهم الأخير، في قلعة إلماو بمقاطعة بافاريا بجنوب ألمانيا من شخصية الرئيس بوتين، مطلقين عليه بعض النكات المستفزة وعلى بعض صوره وهو يمتطي حصانًا عاري الصدر.
بل ذهب رئيس وزراء بريطانيا (المستقيل) بوريس جونسون أبعد من ذلك، عندما وصف فلاديمير بوتين بأنه يمتلك جينات ذكورية سامة. متمنيا لو كان بوتين امرأة وليس رجلاً.
رئيس الوزراء الأسترالي أيضًا، تعهد مستعرضًا قواه بازدراء الرئيس الروسي في حال حضوره قمة العشرين القادمةً.
السياسة العنجهية تلك، لم تردع موسكو ولم توقف الحرب. بل الناتو هو من بات يدفع ثمنها، حيث زاد معدل التضخم وارتفع سعر الوقود.وضرب الغلاء الفاحش كل مكان. وبدت بعض شعوب العالم بالتذمر والخروج إلى الشوارع. بل ثمة محاذير من أزمة غذاء عالمية قد بدت بوادرها تلوح في الأفق.
لذا على الغرب أن يجنح للتعاطي الدبلوماسي مع الأزمة الأوكرانية بدلًا من المراهقة السياسية واللعب بأعواد الثقاب .