الحمد لله حمدًا كثيرًا، الذي بفضله يفكر العقل، ويعتبر اللسان، ويكتب القلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان فصيح اللسان، وواضح البيان.
سبحان الله كيف تمضي الأيام مسرعة! بالأمس استقبلنا رمضان واليوم نودّعه والقلوب يملؤها حزناً وآلماً على فراقه.
هاهو شهر رمضان المبارك أَزِفَ من الرحيل، وقد مضى من أيام عمرنا مامضى من خلاله، منها الحسنات ومنها السيئات….فهنئاً لمن قام رمضان إيماناً واحتساباً بكثرة الطاعات والعبادات والبعد عن المنهيات والمنكرات.
وما أصعب فراقه وأشقه على نفس المسلم الذي كرس نفسه واجتهد واستقبله أحسن إستقبال بدموع المشتاق لحبيبه، واليوم نودعه والعيون تذرف دمعاً، ونبكي على رحيله….
بالأمس كنا في شوق في إنتظاره و إستقباله وقلنا له اهلاً ومرحبا، واليوم نقول له مهلاً يا رمضان، ما أسرع خطاك! تأتي على شوق وتمضي على عجل….
{وداعاً رمضان، تُرى….
*هل سيعود الغبار على المصاحف؟
*هل ستبكي المساجد على فراق المصلين؟
*هل ستعود حياتنا كما كانت؟ أم أنّ رمضان كان سبباً في التغيير والإصلاح!
يا خير من نزل النفوس راحلاً، بالأمس جئت فكيف سترحل! بكت العيون على وداعك حرقة، كيف العيون إذا رحلت ستفعل! منقول}.
وعجباً لبعض البشر كيف كان إستقبالهم لرمضان ضعيفاً، استقبلوه وكأنه ضيف غير مرغوب فيه، كانوا صائمون مجرد الصيام بلا صلاة ولا قراءة القرآن الكريم وحرمان من العبادات الأخرى….حرموا أنفسهم من الأجر والثواب الذي اعده رب العالمين في الشهر الفضيل…
وعجباً لبعض البشر لا يعرفون الله إلا في رمضان، وفي غير رمضان تجدهم متهاونون في الصلاة وغيرها من العبادات وهم يدركون أن الله رب الشهور كلها، يعبد في كل حين ووقت.
[وسئل بعض السلف عن قوم يتعبدون ويجتهدون في رمضان فإذا خرج رمضان تركوا، فقال: “بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان”. وهذا صحيح إذا كانوا يضيعون الفرائض، أما إذا كان لا، إنما يتركون بعض الاجتهاد فالقول هذا ما هو بصحيح، لكن مراده الذين يتركون الفرائض، يعني: يصلي في رمضان ويترك الصلاة فيما سوى رمضان مثلًا، فهذا بئس القوم لأنهم كفروا بهذا، ترك الصلاة كفر نسأل الله العافية. (من قول ابن باز رحمه الله تعالى )].
حتماً شهر رمضان سيعود في موعده بإذن الله تعالى، ولكن الذي لا نعلمه هل سنكون على موعد معه ونكون في إستقباله؟؟؟؟
بالأمس كنا ننتظر رؤية هلال رمضان واليوم ننتظر رؤية هلال شوال، هكذا هي الأيام تمر سريعاً علينا…
وأخيراً…..
الصوم باقي مابقي لنا من العمر بإذن الله، والمساجد لن تغلق، وقراءة القرآن الكريم لن تنتهي والأجر لن ينقطع، ولن نتألم من رحيل رمضان ولكن سوف نتألم إن عاد بعد رحيلنا، فأغتنموا الوقت ولا تحرموا أنفسكم من جنة عرضها السموات والأرض أعدها الله للمتقين.